أطفـال يبيعون براءتهم على قارعة الطرقات بسطات
بوسط مدينة سطات، من شارع الحسن الثاني إلى شارع الجيش الملكي وببعض الأماكن الأخرى، في مشهد يتكرر كل صباح، ومع بداية كل يوم، نفس الواقع ونفس الوجوه..على قارعة الطريق تارة بجنبات محلات الأكل و تارة اخرى أمام المقاهي، تدور قصص وحكايات لأطفال في سن البراءة، اطفال براعم بعمر الزهور، أجبرتهم قساوة الأحوال المعيشية الهشة، والهدر المدرسي المخيف، للتفكير في أي عمل كان يستطيعون من خلاله تأمين احتياجات عائلاتهم دون اللجوء لطلب المساعدة من الآخرين، بإنتهاج ونهج سبل غير قانونية ولا هي بالآمنة لكسب لقمة العيش.
مشهد حزين ومؤلم وهم يبيعون "الكلينكس" وبعض الأشياء الأخرى البخسة، منظر ينذى له الجبين و تنسب فيه التهمة الى ثالوث مؤسسة الأسرة والمنظومة التعليمية والدولة، اه ثم اه حينما يقطعون عليك الطريق ويتوسلون إليك في بعض الأحيان، لشراء علبة مناديل ورقية، أنذاك ترى فيهم الوجع ينبض في نظراتهم البريئة ولا تغدو كل أحلامهم مجرد الحصول على "طرف الخبز".... ذنبهم الوحيد الذي لا ذنب لهم فيه، أنهم ولدوا في زمن لا يرحم الغني فيه الفقير...في الوقت الذي يجلس فيه أقرانهم من الأطفال على مقاعد الدراسة لبناء أحلامهم ورسم مستقبلهم، يقف هؤلاء كالكثيرين مثلهم بمدينة سطات بانتظار من يشتري منهم، طمعاةفي الحصول على بعض الدريهمات المعدودة التي تسمن ولا تغني من حاجة، لكنها كافية لإطعام عائلات بأكملها...عائلات أعيتها الحيلة وأنهكها الفقر المدقع فنزحت من المناطق القروية إلى مدينة سطات طمعا في حياة أفضل ...حياة راح ضحاياها الأطفال الذين يجبرون على الإنقطاع عن الدراسة ومد يد العون لعائلاتهم.
تتقلب الأجواء... ينزل المطر...ينتشر البرد القارص... تسطع الشمس الحارقة...يليها لهيب أشعتها... لكن ذلك لا يثنيهم على اجتياح مفترقات الطرقات والوقوف عند الإشارات الضوئية، غير مكثرتين للمخاطر من حوادث المرور و العنف والاعتداءات التي قد تواجههم من قبل الطائشين، يعرضون على أرباب السيارات ما يحملونه على أكتافهم أو بين أياديهم من بضائع لا يتعدى ثمنها بضعة دراهم...لقد اعتادوا الوقوف كل صباح ومساء، ليمتهنوا لاحقا بيع "الكلينكس" على أرصفة شوارع مدينة سطات، ولتهدر الطفولة على قارعة الطريق، إنها قصة لظاهرة أفرزتها الظروف الاجتماعية القاهرة التي تمر منها عروس الشاوية بغية الهروب من شبح التسول المتفشية في الأوساط الاجتماعية...
تعليقات
إرسال تعليق