بولعوان...منطقة سياحية بين مطرقة غياب الاستثمار و سندان تجاهل المسؤولين
بين نهاية النفوذ الترابي لقبيلة أولاد سعيد، و بداية النفوذ الترابي للدكالة، تموضعت على كتف عازف الموسيقى الحالمة واد ام الربيع، قرى ريفية ساحرة حدادة، قمور، الدشرة، الزاوية وقرى اخرى، هناك من بعيد تلوح للناظر "قصبة بولعوان" متعالية المجد والسؤدد، مرفوعة الرأس نحو العلاء، شامخة على أكمة صخرية في الضفة اليسرى للواد، المرتبط بهضاب مجاورة لشريط أرضي ضيق، معبد يربط العالم الخارجي بباب القصبة الرئيسي، كأن القدر أبقاها محجوبة عن عيون الباحثين الأثريين، ليجعلها خلوة قل من زارها أو عرفها، منطقة سياحية بامتياز لما لها من مميزات طبيعية يمكن أن تسمح لها باعتلاء المرتبة الأولى في قطاع السياحة بالمغرب في حالة استغلالها.
موقع منطقة بولعوان الجغرافي
تقع منطقة بولعوان على بعد حوالي 90 كلم عن شرق مدينة الجديدة، وعلى بعد 78 كيلمترا في اتجاه مدينة سطات، منطقة غاصت قدماها في التاريخ بداية من القرن الثامن عشر، أي منذ أن أسس بها المولى إسماعيل سنة 1713/1714 الموافق لـ 1122 هجرية، أول قلعة وإحدى أجمل المعالم التاريخية بمنطقة دكالة بإقليم الجديدة، إذ تعد من أهم المناطق السياحية التي تتوفر عليها المملكة المغربية، لما لها من مميزات طبيعية، يمكن أن تسمح لها باعتلاء المرتبة الأولى في قطاع السياحة بالمغرب في حالة استغلالها، لاسيما وأن هذه المنطقة تملك إمكانيات سياحية لا يستهان بها، ويمكنها أن تكون رائدة في هذا المجال.
الإطار التاريخي لقصبة بولعوان
تعرف قلعة بولعوان أو أبي الاعوان عند السكان المحيطين بها بقصبة "السلطان الأكحل" أي السلطان الأسود علما أن المولى إسماعيل لم يكن من الزنوج، و إن كان له "جيش البخاري" أو "جيش العبيد" من الزنوج، وهناك من القصص والروايات ما تقول أن السلطان الأكحل لما أطل من فوق داره العالية، التي كانت تسمى «دار السلطان الأكحل»، ورأى من بعيد، وهو يجول بنظره، قبة الولي الصالح مسعود بن احسين، المدفون في قرية أولاد فرج، سأل من يقف بجانبه من يكون ذلك؟ فقيل له «مسعيد»، تصغيرا وتحقيرا، فانهدت دار السلطان...، وهناك رواية أخرى تقول أن السلطان العلوي كان مارا من حدود سلطان العْزَارة، فثارت عليه جحافل من النحل وعلى بهيمته وما يركبون ولمّا سأل قيل له إنه لا يمكن أن يجتمع سلطانين في مكان واحد»...كما أن هناك قصة شعبية أخرى تقول أن السلطان كان في جولة على متن مركبه بمياه "أم الربيع" فأصيب مركبه بعطب في الليل وهو بقرب المكان، فنزل ضيفا على شيخ كان يعلم فتيات حسنوات حفظ و قراءة القرآن في مسجد خاص، فأبى السلطان إلا أن يقضي ليلة مع واحدة منهن، و كان عليه أن يعطيها مهرا على ذلك، فقبلت التي وقع عليها الإختيار بمهر من الأرض، بقعة أرضية على حد البصر يقال بأن تلك الأرض لازالت أرض جموع لحد الآن، و قد قيل بأن تلك القصبة بنيت في ظلام تلك الليلة، و عند الصباح لما صعدت الفتاة على أعلى صومعة لتلك القصبة رأت مرقد سيدي بنور، فقالت بسخرية لمقامه "أنظروا ذلك هو "بنينير" تصغيرا لبنور، حينها إنكسرت الصومعة و سقط نصفها ركاما على الأرض، و بقيت كما هي عليه إلى اليوم، ولا نعرف مدى صدق هذه الحكايات والروايات التي تروى بألسن أخرى للتاريخ.
مميزات منطقة بولعوان السياحية
تظهر منطقة "بولعوان" أو "أبي الأعوان" أمام أعين زوارها بحلة خضراء توشحت بها سهولها وجبالها، بجانب مشاهد حية لجريان مياه وادي أم الربيع مشنفة بخريرها آذان عشاق الطبيعة البِكر، الواد الذي يعد من أشهر وأكبر وديان المملكة المغربية، حيث منبعه في احضان جبال الأطلس المتوسط بين الوديان بالقرب من مدينة خنيفرة، ومصبه في مدينة ازمور، إذ يكتسب الوادي العديد من المقومات الزراعية والسياحية في ظل ما يتميز به من وجود الآبار والتربة الخصبة التي أسهمت في انتشار المزارع على جنباته من المهتمين بزارعة النخيل، والرمان، والعنب، والخوخ، والذرة والشعير، وغيرها من المحاصيل الزراعية الأخرى، كما يكتنز الوادي بكثيرٍ من الأشجار الطبيعية منها السدر، والطلح، والعرعر، وشجر الزيتون، إضافة إلى موقعه الجاذب للعديد من أهالي وزوار المنطقة، إذ يقصده العديد من العائلات والشباب من الساكنة المجاورة للاستمتاع بخرير الماء الزلال البارد، وقضاء أوقات جميلة في أحضان الطبيعة الخلابة، تارة يستظلون بأشجار الطلح والسدر، وأخرى في الهواء الطلق النقي الممزوج بذرات الماء، ويستنشقون رائحة الطبيعة من أشجار الوادي العطرية المميزة، واعِدادهم وجبات متنوعة في أجواء برية خالية من التكلف، وكذلك السباحة في بعض أجزاء الوادي، فضلا عن تواجد الكثير من ملاك ُالمواشي للرعي، والنحالين، نظرا لما تنعم به جنباته من النباتات والحشائش، ووجود العنصر الأساسي للحياة.
إن موقع منطقة بولعوان الاستراتيجي ذو الطبيعة السياحية سيساهم لا محالة في رفع مستوى اقتصاد الجماعة، وتوفير مناصب الشغل للشبان، ما ان تم تضافر جهود المعنيين بالامر، سيما و أن السياحة في هذه المنطقة لا ترتبط بأي فصل معين من فصول السنة، فهي منطقة تضمن الراحة والاستمتاع والتأمل على مدار كل أيام وفصول السنة، ولكنها بحاجة إلى تطوير وتشجيع واستغلال، ما يستلزم النهوض بهذا القطاع الذي سيمتص نسبة كبيرة من البطالة ويحقق دفعا اقتصاديا للمنطقة.*عبدالعالي طاشة*
تعليقات
إرسال تعليق